بدأ تنفيذه منذ 1967 تفاصيل البرنامج الإسرائيلى السرى لتهجير أهل غزة

مرڤت الحطيم
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس أن وكالة خاصة من أجل المغادرة الطوعية للغزيين سيتم إنشاؤها، مع إبداء إسرائيل التزامها بالمقترح الأمريكى بالسيطرة على القطاع الفلسطينى وتهجير سكانه.
وأوضح «كاتس» أنه أجرى اجتماعا بشأن المغادرة الطوعية لسكان غزة، وقرر فى نهايته إنشاء مديرية فى وزارة الدفاع للمغادرة الطوعية لسكان غزة.
وكان كاتس قد أمر الجيش الإسرائيلى فى وقت سابق بإعداد خطة تسمح بالهجرة الطوعية لسكان قطاع غزة، مرحبا بخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التى يمكن أن توفر فرصًا واسعة لسكان غزة الذين يرغبون فى المغادرة، وتساعدهم على الاندماج بشكل مثالى فى دول الاستضافة، وأن تسهل كذلك التقدم فى برامج إعادة الإعمار لغزة منزوعة السلاح وخالية من التهديدات.
وجاء فى بيان لوزارة الدفاع الإسرائيلى أن خطة أولية تم عرضها فى الاجتماع تشمل مساعدة كبرى من شأنها أن تتيح لسكان غزة الراغبين بالهجرة الطوعية إلى بلد ثالث الحصول على حزمة شاملة تتضمن، من بين أمور أخرى، ترتيبات خاصة للمغادرة بحرا وجوا وبرا.
وكشفت صحيفة إسرائيل اليوم إن تهجير الفلسطينيين من وطنهم ليس فكرة جديدة، بل يعود إلى أكثر من 6 عقود من الزمان، وفقا لنظام تم إنشاؤه فى عهد رئيس الوزراء ليڤى أشكول، وترأست هذه الآلية أداء سيرينى، زوجة الصهيونى إنزو سيرينى التى كانت شخصية بارزة فى عمليات عليا بت وهو الاسم الرمزى الذى أطلق على الهجرة غير الشرعية لليهود الذين كان الكثير منهم لاجئين فارين من ألمانيا النازية والدول التى كانت تحت السيطرة النازية.
وبينت الصحيفة أن هذه الآلية نجحت فى ترحيل حوالى 50 ألفا من الغزيين، واستمر نشاط الحكومة الإسرائيلية لم يقتصر على تشجيع الهجرة الطوعية من غزة بعد حرب الأيام الستة أو 1967 وفى السنوات الأولى على تأسيس الدولة، بل حتى خلال الحرب التى أطلقت عليها إسرائيل اسم عملية السيوف الحديدية ردا على هجوم حركة حماس ضدها فى السابع من أكتوبر 2023، بحسب الأبحاث التى أجراها البروفيسور يوآف جيلبر الخبير فى حرب تأسيس دولة إسرائيل وقضية اللاجئين الفلسطينيين وباحثون آخرون.
وأكدت صحيفة إسرائيل اليوم - التى توزع مجانا فى إسرائيل - أن حادثة مقتل سكرتيرة السفير الإسرائيلى فى باراجواى فى مايو من العام الماضى، كشف المخطط السرى الذى تواصل دولة الاحتلال تنفيذه، خاصة أن المتهمين فى الحادث خالد درويش كساب 21 عاما وطلال الدماسى 20 عاما كانا من بين آلاف الغزيين الذين أقنعتهم إسرائيل بالهجرة إلى باراجواى مقابل تذاكر طيران وعدة مئات من الدولارات.
وذكرت إسرائيل اليوم فى تقرير مطول للصحفى الإسرائيلى نداف شرغاى أن اغتيال سكرتيرة السفارة كشف لأول مرة عن الآلية السرية التى تستخدمها الحكومة الإسرائيلية لتشجيع الهجرة من غزة بعد حرب عام 1967 مقابل مزايا اقتصادية، وهو نظام تم إنشاؤه فى عهد رئيس الوزراء ليڤى أشكول.
وترأست هذه الآلية أداء سيرينى، زوجة الصهيونى إنزو سيرينى التى كانت شخصية بارزة فى عمليات عليا بت وهو الاسم الرمزى الذى أطلق على الهجرة غير الشرعية لليهود الذين كان الكثير منهم لاجئين فارين من ألمانيا النازية أو غيرها من الدول التى كانت تحت السيطرة النازية، ولاحقا الناجين من المحرقة، إلى فلسطين الانتدابية بين عامى 1920 و1948.
وتمكنت الآلية من ترحيل حوالى 50 ألفا من الغزيين من إجمالى عدد سكان القطاع البالغ عددهم فى ذلك الوقت 400 ألف نسمة، ورغم أن إسرائيل ظلت لسنوات بحسب الصحيفة تنكر وجود هذه الآلية، إلا أن الأبحاث التى أجراها البروفيسور يوآف جيلبر الخبير فى حرب تأسيس دولة إسرائيل وقضية اللاجئين الفلسطينيين وباحثون آخرون، كشفت السر الذى حالت الرقابة دون نشره لعقود.
وأوضحت الصحيفة إن نشاط الحكومة الإسرائيلية لم يقتصر على تشجيع الهجرة الطوعية من غزة بعد حرب الأيام الستة أو 1967 وفى السنوات الأولى على تأسيس الدولة، بل حتى خلال الحرب التى أطلقت عليها إسرائيل اسم عملية السيوف الحديدية ردا على هجوم حركة حماس ضدها فى السابع من أكتوبر 2023.
وكشف تقرير شرغاى فى صحيفة إسرائيل اليوم، أن وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلى رون ديرمر ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غرسا فكرة التهجير الطوعى للفلسطينيين فى ذهن دونالد ترامب فى لقائهما معه قبل عدة أشهر من توليه منصب الرئاسة الأمريكية. وأواخر ديسمبر 2023، أى بعد شهرين ونصف الشهر من اندلاع الحرب.
وذكر نتنياهو فى اجتماع مغلق لكتلة الليكود أنه يعمل على تسهيل ترحيل سكان غزة إلى دول أخرى، رغم اعترافه بصعوبة العثور على دول راغبة فى ذلك.
وكشف شرغاى أن وزير الخارجية السابق إيلى كوهين كان قد أنشأ فرقا أجرت مفاوضات مع حكومتى رواندا والكونغو لقبول المهجرين من غزة، وتم إطلاع نتنياهو على جميع التطورات.
وتبنى مبادرة الهجرة الطوعية فى ذلك الوقت عضوا الكنيست البرلمان رام بن باراك من حزب يش عتيد، دانى دانون من ائتلاف الليكود الذى يشغل الآن منصب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، وفى 13 أكتوبر 2023 أى بعد حوالى أسبوع من هجوم حماس قدمت وزيرة الاستخبارات جيلا جمليئيل اقتراحا مكتوبا إلى نتنياهو لإجلاء السكان غير المقاتلين من مناطق القتال وتسهيل الإجلاء الطوعى الإنسانى إلى خارج قطاع غزة.
وكشفت الصحيفة بعض التفاصيل عن الاقتراح الذى يتضمن فى مرحلته الأولى إقامة مدن خيام جنوب غرب غزة، داخل شبه جزيرة سيناء، وفى وقت لاحق، إنشاء ممر إنسانى إلى هذه المنطقة، مما سيؤدى فى نهاية المطاف إلى بناء عدة مدن فى منطقة شمال سيناء للمهَجرين.
وأوضح «شرغاى» فى تقريره أن إسرائيل ستقوم بإعداد منطقة معقمة بعرض 3 كيلومترات داخل مصر لمنع عودة الأشخاص المهجرين إلى غزة، واقترحت جمليئيل عدة دول للاتصال بها لمعرفة إذا ما كانت مستعدة لاستقبال المهاجرين من غزة، بما فى ذلك إسبانيا واليونان وكندا والكونغو.
وكشفت الصحيفة أنه فى خضم كل هذه التحركات، كانت إسرائيل منهمكة فى دراسة خطط لإنشاء مطار بالقرب من غزة، تنطلق منه طائرات تحمل على متنها سكان غزة إلى وجهاتهم الجديدة، من بينها دول أفريقية مختلفة، بالإضافة إلى مصر والأردن وقطر.
وأكدت إسرائيل اليوم أن المجلس الأمنى وجهاز الشاباك قدما أوراقا رسمية بهذا الشأن، لكن هذه الخطط والخطط اللاحقة انهارت بسبب رفض الدول العربية التعاون، وحدث ذلك مع مصر والأردن بعد جولات من المحادثات، ومع قطر التى انسحبت من الفكرة بعد عدة جولات من الاجتماعات.
وانتقدت موقف إدارة الرئيس الأمريكى چو بايدن السابقة، مشيرة إلى أنها لو كانت دعمت فكرة التهجير حتى لو كان ذلك من وراء ستار لربما تحقق شيء ما رغم كل شىء، وعندما تسربت تفاصيل خطط جمليئيل اتصل بايدن شخصيا بنتنياهو طالبا مزيدا من الإيضاحات، وأبلغه الأخير أن الأمر كان مبادرة خاصة من الوزيرة ولا يمثل سياسة الحكومة.
وزعمت الصحيفة أن بيانات غير رسمية صادرة عن مركز المعلومات الاستخبارية والإرهاب، ومصادر أخرى أفادت أن ما يقرب من 300 ألف من سكان غزة هاجروا من القطاع الفترة ما بين يونيو 2007 واندلاع الحرب فى أكتوبر 2023.
وقال شرغاى إنه سأل البروفيسور جيلبر الذى أجرى أبحاثا مستفيضة عن عمليات الهجرة والترحيل وتبادل السكان وتحركاتهم الطوعية أو القسرية عن فرص نجاح تنفيذ التهجير الطوعى من القطاع الفلسطينى فسيؤكد أنها ضئيلة أو معدومة.
وادعت الصحيفة الإسرائيلية أن خبراء قانونيين مثل البروفيسور آڤى بيل يعتقدون أن القانون الدولى لا يحظر على الدولة تشجيع الهجرة الطوعية ولا يعتبر ذلك طردا، وتشير إلى أن إدارة ترامب تعتمد الآن على مثل هذه الآراء القانونية، وتعتزم استخدامها عندما تصبح خططها المتعلقة بسكان غزة عملية.
واستعرضت إسرائيل اليوم شواهد من التاريخ لمخططات يهودية لتهجير الفلسطينيين، والتى أطلق عليها الترانسفير وهى مجموعة من العمليات والإجراءات التى قامت بها الجماعات الصهيونية المسلحة والحكومات الإسرائيلية المتعاقبة حتى الآن من أجل ترحيل أكبر عدد ممكن من السكان غير اليهود فى أراض تريد أن تضمها أو ضمتها مسبقا، وذلك بهدف الحفاظ على يهودية الدولة.
ووصفت الصحيفة تمسك الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم ومعارضتهم الشديدة للهجرة إلى الخارج بأنهما وجهان لعملة واحدة، فهم يرفضون فكرة الترانسفير ليس فقط لأنهم لم ييأسوا من العودة، بل أيضا لتجنب التعرض لنكبة جديدة سيكتوون بلهيبها لأجيال قادمة، وهذه المرة بدعم من أكبر قوة عظمى فى العالم، وستحل محل نكبة 1948 التى لا تزال ماثلة باعتبارها رمزا للهوية والسردية الفلسطينية.